الكذب من أكبر المعاصي على وجه الأرض، فهناك من يفسره بمرض نفسي يستعص العلاج والشفاء…أصبح من جهة لعبة يستعين بها بعض رجالات السياسة والمسؤولين للتخفيف عن بعض المهام التي تشغل حياة المواطن بصفة عامة.
بقلم مصطفى بومزكور
لقد كثرت المهام عن المسؤولين السياسيين عامة من رجال المجالس الجماعية والبرلمان وغيرهم،حيث نجد كثرة الصفوف أمام مكاتبهم ..أثناء دخول رجل بطلب لسيد المسؤول تجرأ الرئيس بتلبية رغبته في الأسبوع القادم.
بعد مضي سبعة أيام رجع صاحب الطلب إلى سيد المسؤول فيفاجأ الشخص المسكين بقول الرئيس لقد زارنا سيد الوالي وعامل صاحب الجلالة فكانت الأجواء عندنا جد مشحونة الشيء الذي جعلنا لم نوفي بما أبلغناكم،ولكن الأسبوع القادم بحول الله ستجد طلبك استوفى كل المعايير وستكون الأمور على ألف خير..أتى الأسبوع فذهب صاحب الطلب من جديد إلى مكتب سعادة الرئيس ،سيدي أين وصل عملنا وشد المسؤول على رأسه بيده قائلا غن الدورة البرلمانية ومتاعبها من ضمن العراقيل التي أحيلت دون تحقيق الطلب..ولكن كن على يقين أن الأسبوع ألماجي أنت الأول أرجوك أن تأتي في الصباح الباكر،ففي الصباح الباكر من الأسبوع المشار إليه وجد صاحب الطلب الرئيس خارجا فقال له المسؤول كما تشاهد الآن بأم أعينك وفي هذه اللحظة بالضبط قاصدا الرباط على موعد مع سيد الوزير في شأن مشروع إنجاز شبكتي الماء الصالح للشرب والكهرباء،فإن الأوتار هذه المرة في توتر شديد أكثر من السابق،لهذا فبعد ثلاثة أيام والتي ستستغرق هذه المقابلة المتواضعة والله يجعل خير….
مضت ثلاثة أيام واستوفت يومها وها صاحب الطلب كعادته في مكتب الرئيس فوجد نائبه فردد قائلا ألم تعلم أن السيد الرئيس لم يرجع من سفره إلا بعد ثلاثة أشهر كاملة؟ألم تعلم ذلك !..وهكذا استمرت هذه القصيدة إلى أن نسي صاحب الطلب طلبه ونسي معها الإدارة وحتى مكان تواجدها.
هكذا أغلبية المسؤولين عندنا،أتساءل لماذا كل هذا الكذب على المواطن علما أنه أشد الحاجة إلى مسئوله لأن موضع ثقته فيه لتلبية أغراضه دون كذب أو سخرية..ألا يمكن أن أقول إننا بهذه الظروف حصلنا على معادلة متوازنة بمعنى الكذب يوازي السياسة أو أساسها بالذات إن استمر أصحاب القرار على وضعهم وعاداتهم المعتادة والسابقة الذكر،فذات يوم سينفر المواطن عن المسؤولين ذوو الطابع السياسي ويعتبرهم من محترفي الكذب لأنهم يحتالون فقط على الناس ولم يزده المسؤول إلا التماطل والتأزم لا غير..إنها أمور بعيدة عن المنطق واليقين..فالألسنة والحمد لله طويلة جدا وبألوان فكاهية عالية وقافية متزنة ومعسولة يعجز عنها العلماء وبأسلوب متواضع ممزوج بالمحبة والتآخي مستعملا جملة”حنا نتعا ونو معاكم فكل شيء”ويا لها من أخوة من صنف التوأم كأنه يبني لك على الهوى أم الهش لتسقط في قعر عميق شديد الظلام والسواد يوحي لك الهلاك والزوال مطلقا.
إن أمثال هذه العادات والتقاليد الرجعية فبدون شك تضع المسؤول في موضع أكثر حقارة وهشاشة وسط إخوته داخل المجتمع ويجعل لونه الحزين يحتقر شيئا فشيئا فيصبح من ألوان المحسوبية والزبونية دون شك وبذلك يفقد كل ما حوله ويبقى في الشمس او الشتاء دون مظلة حيث الكل يبتعد عنه ولا يغفر له رجل اسمه التاريخ والذي سيرتبه في مراتب المرتزقة أي في مراتب مزابل التاريخ،وأصحابه يبحثون عن بديل عسى أن يجد ذا مقدرة على المهام ومتفهم المسؤولية وعناصرها من تسيير ومنهجية وقانون..إذن كفانا من مدمري هذه الأرض السعيدة لأننا سئمنا من الوعود الكاذبة ضعاف الثقافة وصغار العقول والأنانيين البعيدين كل البعد عن مفرد السياسة..،فالسياسة لا تعني الكذب ولا الكذب يرادف السياسة.
فرجالات السياسة يجب أن يتوفروا على خاصيات هامة قبل كل شيء من حسن الاستقبال والكلمة الطيبة والأخلاق وسماع هموم المواطن بجدية لكي يفهم نص الموضوع ومحه دون الخروج عنه،لأن الفهم والصراحة يجعل الكل مطمئن وواضح المسار أليس ذلك من المعجزات والصعوبات؟ !أم أن الصراحة والمنطق سيدمر صاحبه ويجعله جانبا ويفقد به منصبه ومسانديه أم ماذا يا ترى؟بل العكس في نظري سيزيد من مسانديه وسيكون صاحب المواقف وسلطة وشان.
إذن فغير طريقك أيها المسؤول إلى الأحسن واجعل الكذب جانبا لمن تريد أن تهزمه فاكتسبهما نهم معك دائما ولا تعتقد أو تظن أنهم يتركوك لأن بعض الظن إثم ما دمت في الطريق الصائب سبيل المصلحة العامة..وان هدفك ستصله دون شك وستحقق معه أهداف الناس جميعا إذا تريد حقا كسب المزيد والمحافظة على كرسيك إلى المستقبل وشرفك الذي هو كالزجاج إذا تكسر يستحيل جمعه من جديد..ولا تنسى أن الوطن غفور رحيم.