التعليم تربية أساسية لا بد منها في كل مجتمع على وجه الأرض،فبدونه لا نجد النخبة من رجال التعليم الصحة الإعلام الرياضة ولا حتى ما يدعي الوعي والضمير،لكن نجد شيئا آخر ألا وهو الجهل الذي يساعد الإنسان عل كل أشكال الدمار والقتل و زرع الحقد والكراهية في ا
بقلم:مصطفى بومزكور
ما زلت مغفلا عن أمور عدة أيها المربي العجيب..فدائما تظن في قرارة نفسك أنك قمت بدورك على أحسن وجه،حيث بمهارتك وذكائك أعددت مذكرتك بأهم الدروس والمواضيع المبرمجة لديك في كل يوم وفي كل أسبوع وفي كل شهر وفي كل دورة وفي كل عام/واخترتها من أفضل المذكرات من ضمن المذكرات الموجودة بإحدى المكاتب الراقية القريبة منك،لتقدم دروسك للتلميذ وتدفع المذكرة للوزارة،بمعنى أنك قائم بدورك أيها الماهر ،ألم تعلم أنك تضحك على نفسك قبل كل شيء وتظن أنك أحسن من الجميع وتتحدى الجميع بما تملك من مهارة وجدية أيها المعلم الماهر.
هل تعلم في مقولة مشهورة يسجلها التاريخ حيث تقول عن قائل:”من علمني حرفا صرت له عبدا..”هل تعلم أنك تعلم حروفا أبجدية للتلاميذ لكي يصيروا لك عبدا عما قريب..أم أنك منتصر كل الانتصار بالوظيفة أيها الماهر،فمذكرتك كما لحظتها نظيفة جدا واقتنيت لها غلافا رائعا بأغلى الأثمان يلاءمها جدا لكونك فنانا ماهرا تتقن الاختيار للأشياء كما يجب أن تنبغي،هذا ما جعلني أن أخط عليك شيئا لمدى انحرافك على بعض الأشياء التي يجب أن تكون من صفاتك لتكون أجيالا أحسن وأفضل،لهذه الأسباب أنبئك بأمور ربما لا تخفى عليك فهي ملايين لا بأس من ذكر البعض منها أيها الماهر الصديق.
أولاها نجد التلميذ في السنة الرابعة من التعليم الأساسي أو الإبتدائي لا يفرق بين الراء والزاي،وبين الميم والصاد وتقدم أحسن مذكرتك للوزارة،نجد التلميذ أيها الماهر لا يعرف اسم المعلم الذي يدرسه طيلة السنة،ولا يعرف أن يكتب اسمه عل كتاب صديقه وتقدم فعلا مذكرتك كل سنة للوزارة أيها الماهر،نجد تلميذك في المقاهي يتقن اللعب على الورق أحسن منك ويحمل على يده اليمنى سيجارة يقتنيها بأرخص الأثمان عند بائعها بالتقسيط والحمد لله الخير موجود في الشوارع وتدفع أحسن مذكرتك للوزارة أيها العجيب،نجد تلميذك مرة في منزلك يتقن الطبخ وجمع الأثاث،والتفنن على المكنسة لتنظيف المنزل ويترك لكم الأزبال خارجا وتقدم أحسن مذكراتك للوزارة،نجده في الأسواق في الشارع في الملاهي بمحفظته السحرية.
على أي تعليم نتكلم عليه أيها المعلم ودورتك لم تعرفه من قبل أم ستود وتقول لي أن القسم أربعون أو تسعون تلميذا،أو أن الطريق إلى المدرسة أو القسم بعيدة جدا عن مدينتك أو حيك الرسمي لسكناك،أم ستبرر لي كسل التلميذ بكسل أبيه وأمه أو جهلهما معا لكونهما لم يجدوا الفرصة للدراسة أم ماذا ستقوله لي؟مع العلم أنك قدمت أحسن مذكرتك للوزارة بأحسن غلاف وأغلاه ثمنا ذات يوم وجدت تلميذا يتحدث عنك بأحسن الأوصاف ويشكرك شكرا جزيلا فأعجبت بك أيها المعلم،فبعد أن طرحت عليه سؤالا لماذا؟أجاب بأنك لا يحضر إلا قليلا ولا تضرب التلميذ بتاتا.. وجدت تلميذك يقطع عصا لك من شجرة فأجاب أنك راغب فيها وأنك الذي أوضحت مكان وجودها ألا وهو الشجرة..ألا تعلم أنك قتلت جميع الناس في قول الرسول فمن قتل شجرة كمن قتل الناس جميعا.
أنا لست ضدك أيها المعلم بل العكس لقد ربيت أجيالا فأصبحوا ذووا المقاعد العليا داخليا وخارجيا،وأصبحوا يضرب بهم المثل إعلاميا ثقافيا وغيرها بمعنى أنه بفضلك وبمهارتك وبجدك وصل إلى ما وصل إليه من العز والجاه لكن لا تنسى أنني أود أن أنبئك بما يفعل بعضا من تلامذتك خارج القسم لأكتشف مهارتك في قسمك لأن مرآتك هي التلميذ إن لم تعلم.
كم بكيت أثناء بلاغنا بقيامكم بدراسة اللغة الفرنسية ابتداء من القسم الثاني من التعليم الأساسي فكدت أبحر دموعا..فهل أصحاب هذا المشروع واعون بما قد سطرته من قبل أي التلاميذ في السنة الرابعة إعدادي لا يعرف قراءة كلمة مكتوبة بالعربية وما بالك بالفرنسية والإنجليزية،وما ينقص تلاميذك أيها المعلم الماهر إلا “تيفيناغ” والشينوية إضافة إلى العبرية لكي تفرح الوزارة والتلميذ معا.
فرحة عارمة من جراء كثرة اللغات وكفاءة المعلم وإتاحة الفرص ولم أقصد الكل بذلك ولكن البعض سامحهم الله في حق هؤلاء التلاميذ الأبرياء الذين لا يعرفون عن هذا الواقع إلا شيئا كالذي وقع للفقهاء القدماء الذين هم في أيام مضت هم أصحاب القرار يزوجون ويطلقون ويدبرون الأمور العليا قضائيا وغيرهم ،وذلك حسب مكانتهم المرموقة في زمانهم الذي ولى…
ها هما الآن في مزبلة التاريخ حاربتهم العلوم المتطورة والتكنولوجيا حتى أصبح العالم بحجم قرية صغيرة وبقي الفقيه في الوراء،وما بالك بالتلميذ الحالي ..هل سيصبح له كما جرى للفقهاء إن أتى تدهورا فكريا أكثر من هذا؟فيصبح هذا التلميذ بعيدا كل البعد عن عصره الذي يعيش فيه.