الصحافة والسلطة الرابعة أي علاقة هي؟..

رشيد ماهر
كثيرون هم الذين يربطون بين الصحافة والسلطة بشكل أو بآخر ، وكثيرون هم اللذين يجهلون الدور الحقيقي للصحافة وللأسف حتى لأنك تجد من بينهم من يجهل الدور الحقيقي للصحافة وهو يحمل قلمه وآلة تصويره ومسجله وتجده في كل الأمكنة وفي كل الأوقات متربصا للسبق الصحفي ، لإقتناص الفرص التي تجعل منه صحفيا يقام له ويقعد أو لنقل لسلطته باع ودراع .
السلطة هي للصحفي أما الصحفي فلا سلطة له إطلاقا ،فهو خادم لقضية ،يقتنص الخبر كما يقتنصه الآخرون ’ لكن عقلية الصحفي ومنظاره ’ مخيلته وعدسته ’ كلماته وحنكته هي المميز له ولصحفيته .
الكل اليوم يلج المواقع ’ والكل له منبر يقول فيه ما يشاء والكل له نفس السلطة التي كانت بالأمس القريب بحوزة الصحفي فقط ’ الكل يحملون كاميراتهم ’ أوهواتفهم الذكية وكيف لا أن ينقل الحدث و الخبر على المباشر من دون حسيب ولا رقيب ’ من دون مدير يدير شؤونه ’ ولا رئيس تحرير يقبل أو يرفض او يحرك في مراسلته مقصا أو قلما أحمر ’ كسر المقص في زمننا هذا ’ وجف القلم الأحمر ولم نعد نجد له مدادا .
الصحفي حقيقة هو سلطة ’ لكنه سلطة على نفسه ’ فقط على عقله وضميره ’ أما كسلطة متعارف عليها عالميا أو محليا فلا توجد لديه إطلاقا لأنه وللأسف الشديد هو الآن تحت رحمة السلط أو على الأقل لنقل تحت رحمة وعطف سلطات أخرى وإلا فما جدوى سلطته وهو يقبع وراء القضبان ويصاب برصاصة قد تسمى طائشة ويعتدى عليه وتكسر كاميراته ويضطهد ويهدد ويمى به خارج المحافل والندوات واللقاءات لا لشيء سوى أنه لم يخضع للسلطة الحاضرة في الفضاء الذي هو به ’ فالشرق الأوسط حافل بالأمثلة وحدث ولا حرج عليك . وبعض الدول الآسوية والافريقية والأوروبية والأمريكية ويحي لما لا أقل في كافة بقاع العالم تجد ضحايا صحفيين ذنبهم الوحيد الذي عرضهم للعقاب هو أنهم يحملون الخبر لأناس لا يعبؤون بالخبر سوى لبضع ثواني أو دقائق أو لنقل لبضعة أيام ثم يختفي الخبر باختفاء الصحفي .
الصحفي حقيقة هو إما أن يكون مبدعا ’ مفكرا ’ منقبا ’ محاورا ’ مجادلا بارعا ’ وإما أن يكون مجرد حامل لأجهزة إليكترونية متفوقة الجودة وكلام لا يعدو مجرد كلام عادي كالذي نسمعه من معلقين عاديين يجلسون يوميا بمقاهي الأحياء ’ منهم الرياضي الذي يحلل المقابلة حتى قبل أن تبدأ ’ ويعطيك النتيجة حتى قبل صفارة الحكم ’ ومنهم المحلل السياسي الذي يحلل لك ولهم مخططات روسيا المستقبلية وأفكار رئيس أمريكا الحالي والخريطة التي سيصبح عليها العالم عند اللألفية الثالثة ومن هم العلمانيين والماسونيين والرديكاليين والشيوعيين والداعشيين والنازيين الجدد و الأصولية المعقدة التي حللها وصبر أغوارها قبل سنين طويلة حين كان لازال مراهقا .
وذاك خبير في علم النفس والعلم السياسي والعلم الجيولوجي ’ والعلوم كلها إلى ما لا يعلمه سوى ربي سبحانه وتعالى وحين يأتيه الصحفي بالخبر يجيب عنه كان ذلك في علمي ويقيني .
هناك صحفي لا يعجبه الخبر الذي يفتح الشهية لاستقبال يوم جميل ويفتح أبواب الأمل لمستقبل جميل بل يريدها فوضى ومستنقع وضجيج وثرثرة وهياج وكثير ما يقال ولا يريد أن يرى وطنه سوى من وراء نظارة صوداء قاتمة ’ لا شيء يعجبه في هذا البلد ’ الكل عنده أخرق ’ عاق للوطن ’ مفسد ’ انتهازي ’ عياش ’ يتربص للمسؤولين تربص القط بالفأر عسى أن يضبطه متلبسا بمخالفة وكأن ذاك المسؤول ملاك من يوم تحمله للمسؤولية ’ فينسى فضيحة واترگيت وفضيحة ايران وفضيحة لوينسكي وفضائح العالم وينهال على مسؤوله باللوم حتى يدفع به اما للانتحار او لقطع وسيلة عيشه التي لا يحسن سواها وان اخطأ ’ فالحقيقة ان الكل سواسية أما القانون لكن أليس الحقيقة أيضا أن الكل سواسية في الخطأ وكل بني آدم خطاء ’’’ .
الصحفي إما معك او ضدك ’ فلما لا يكون مع الكل وضد الكل ’ حين تستحق التمجيد والإشادة يمجدك ويشيد بأفعالك وإن جانبت الصواب جانبك وانهال عليك نقدا لكونه صحفي وعليه ايصال الحقيقة فإما ان تتحمل قلمه أو تحمل أخطاءك هذه هي سلطة الصحفي .
الصحفي في نظرة العموم :
يختلط الأمر على العموم أحيانا فلا يفرقون بين صحفي سياسي أو ثقافي أو رياضي أو فني أو باحث ميداني أو مراسل صحفي أو مجرد هاوي او مخضرم أو ما الى ذلك المهم عندهم هو أنه صحفي وياويحك حول ما ترك من انطباع عن الصحفي من من سبقوك عنده فإن كان آخر صحفي التقاه قويا ضليعا في عمله متبصرا شافيا ومستفيضا ’ نلت الإحترام وإن كان العكس فلك العكس .
الصحفي احيانا منبوذ لا لشيء سوى أن الصحفي هو ناقل أخبار أي مخبر شعبي يحمل الخبر لعرضه على عموم الناس .
اما الصحفي وهذا هو بيت القصيد فتجده محبوبا من محبي العدالة والحقيقة والتقدم والازدهار والمجد والشهرة والنجومية وتوضيح الأمور ’ في الوقت الذي تجده مكروها لحد التهديد في حياته وسلامته من قبل المجرمين ’ المنحرفين ’ الظالمين ’ الخارجين عن القانون ’ المفسدون في الأرض ’ المغضوب عليهم والضالين ’ الراغبين في رؤية بلدهم مستنقع ينق فيه بنقيقه كيف يشاء من دون تنبيه اليه ’ وفي الأخير مكروها لذا خفافيش الظلام وما أكثرهم .
عذرا أيها الصحفي العزيز فهذا من جانب غيرتي عليك وليس طعنا فيك .

Loading...