قصة قصيرة: في المقهى/ذ.يونس بنان

في المقهى… (قصه قصيرة ذ.يونس بنان)
المائدة رقم 1: عشق
نعم كان يعشقني بجنون، يعبدني…كيف عرفت ذلك لم يصارحني مباشرة لكن كنت اقرأ ذلك في عينيه. كانت نظراته تلاحقني في كل مكان…قهوة سوداء من فضلك أيها النادل… بصراحة لقد الفت تلك النظرات بل ادمنتها…في اليوم الذي لا اراه تصيبني نوبة كآبة، فأصبح جد عصبية مع الجميع لا اطيق من يكلمني…شكرا أيها النادل، كنت اريد القهوة في الكاس كالعادة لكن لا باس بها في الفنجان هذه المرة…في اليوم الذي تتعانق فيه نظراتنا أصبح أكثر نشاطا واشراقا، فنظراته تشحنني طاقة سحرية…لا يا عزيزتي هو لا يحمل أي مقوم من مقومات الوسامة التي تعرفينها و هندامه جد بسيط لكن لا أدري ما الذي يشدني اليه…لا أدري بالضبط لكني على هدا الحال ما يقارب السنتين… بالطبع فكرت مرات عديدة ان اكلمه، او ان ابعث له رسالة بوح بما احس، لكن تخونني الجرأة. في كل مرة أفكر ان افعل ينتابني إحساس مختلط بين الرهبة، الخوف، الحنين، الحب، التقاعس، الفرح والحزن، إحساس يجعل قلبي يقفز من مكانه، عرقي يتصبب و لساني اثقل وزنا…قد تعتبرينها مراهقة متأخرة لامرأة اربعينية، لكن ما العمل؟ اه اعتذر لقد تأخرت عن الموعد…اي موعد؟… موعد النظرات بالطبع. أيها الناذل كم الحساب؟ خد و الباقي لك… الى اللقاء عزيزتي…
المائدة رقم 2: رشوة
اسف عن التأخر سيدي لكن كان من الصعب اقناع الرئيس بالإمضاء على هذه الأوراق. لقد كلفتني هذه المرة اموالا أكثر من سابقاتها…بالطبع يمكنك مباشرة الاشغال من الغد، فأنا كما اعتدتني رجل كلمة يمكن الاعتماد عليه، نزيه لمن يدفع أكثر بالطبع…شكرا قهوتي ساخدها نقدا كالعادة… بالطبع سيدي هذا ليس بالأمر المستحيل، اعتبر ان الرخص بين يديك لكن لدي شرط وحيد أنى اريد المقابل عقارا في المشروع و ليس نقدا كالسابق …
المائدة رقم 3: سؤال
الحمد لله لقد اتممت تحضير اغلب المواد… لم أنم ليلة البارحة، فمن أراد العلى سهر الليالي…بالطبع انهيت تحضير دروس الفلسفة فقد سجلتها جميعها على شريحة ذاكرة الهاتف الذكي علمت للتو لما سموه بالذكي. ماهو كود الويفي من فظلك أيها الناذل…شكرا… انظر… بهذه الحركة نحصل على…درس الحق…وبهده درس العدالة…انظر هذه كاميرا بحدة عشرة ميغا بيكسل، بهذه الحركة اصور ورقة الأسئلة، وبهده أرسلها عبر الفايسبوك لأتلقى الإجابات من الاصدقاء… أرأيت قمة الذكاء… ما يحيرني هو لماذا لا نستطيع في هذا البلد صناعة مثل هذا الهاتف…قد يصبح ثمنه في متناول الجميع…و…و…و…
المائدة رقم 4: حروب
لا أستطيع… لم تعد لي القدرة على تحمل هذا البلد يا صديقي. أعيش في حرب لا تنتهي ابدا. فبمجرد ما اخرج من المنزل صباحا ابدأ في خوض المعركة تلوى الأخرى، الأولى، تبدأ مع سائق سيارة الأجرة حول ثمن الرحلة… سئمت خطابه حول الزيادة في سعر البنزين ومصاريف السيارة و غلاء المعيشة… و سأمت خطابي أيضا في ان ذلك شأنه و انه لا يحق ان يحل مشاكله على حساب جيبي الذي بدوره يعيش أزمات متعاقبة… انظر … هذه معركة أخرى مع ناذل المقهى نصف ساعة مرت و لم يأتي بعد بالطلبية … صديقي لازلنا ننتظر براد الشاي الم يحظر بعد… معركة أخرى مع المتسولين و تراتيلهم … الله يسهل لنا و لك اخي… معركة يومية مع رئيسي بالعمل… يتدخل في كل شيء و لا يعجبه شيء… ادا حظرت قبل وقت العمل يقول مستهزئا طردتك زوجتك باكرا اليوم، و اذا حظرت متأخرا … يقول بعصبية اني كنت انتظر موافقتها لمغادرة المنزل… و ادا حضرت في الوقت المناسب يقول انها اوصلتني كما توصل ابناءها الى باب المدرسة … ربما قد تكون له عقدة مع النساء يفرغها دائما في تعامله معي… انظر حتى هذا التلفاز بمجرد تشغيله لا تجد فيه الا اخبار الحروب… و أفلام الحروب… وثائقيات الحروب… اه اسف سأغادر الان لقد تأخرت عن المنزل … حيث تنتظرني به حرب استنزاف طويلة الأمد…

Loading...