الزواج بين رجل وامرأة هو أسمى علاقة شرعها الله سبحانه وتعالى في حياة البشرية منذ زواج أبينا آدم وأمنا حواء إلى أن يرث الأرض ومن عليها .
الزواج ليس لمفاثن امرأة ولا لوسامة رجل وإنما رغبة فطرية جامحة من الجانبين لإعمار عش الزوجية ووضعه على سكة الرحمة والمودة والسكينة والإيثار والثقة وصفاء النية والمحبة الخالصة والصافية والمرتكزة على توحيد الرؤى المستقبلة بعد ضبط الحاضر العتيد.
الزواج إتمام لدين وإكمال لمسار حياة وإشباع لرغبة دفينة في التملك الروحي المشفوع برضى الجانبين واستمرار لبقاء البشرية على نهج الإنسانية الحقة بعيدا عن الفسق والانحلال الأخلاقي وزرع بذور الشر اللقيطة.
الزواج لم يكن ليكون كما البشر أرادوا ، بل كان بما أراد له الخالق أن يكون.
أردنا زواجا بمراسيم وتملك مطلق بالأفعال.
أردنا زواجا تميل كفة الزعامة المطلقة فيه لأحد الزوجين دون حق لنا في أن نسأل لما…؟ وكيف ؟ وعلى أي مقاييس دينية أو علمية… ؟
الزواج أردناه مرحلة انتقالية دائمة من سيطرة الأب وهيمنته وتوجيهه إلى سيطرة الزوج وهيمنته وتوجيهه ، ومن هيمنة الأم وسيطرتها وتوجيهها إلى هيمنة الزوجة وسيطرتها وتوجيهها وبذلك شب الصراع الأزلي وحول المودة إلى شقاق والثقة إلى الحذر والتسلح بالحيطة وجعل السكينة مرتبطة بالنعم وتوفر الإمكانات وحول الوئام إلى صراع على عرش السيادة والزعامة وتحول الإصرار على الزواج إلى ندامة وسوق من الملامة فاختفت الشهامة وأصبح كل ما في الموضوع أننا شركاء في حياة ، وشركتنا مؤسسة على المصالح المتبادلة، وعلى المنفعة المستدامة و على كسب أسهم أخرى في بورصة العائلة والتظاهر بالجودة أمام الشركات الأخرى المجاورة والصديقة والصراع من أجل إخفاء خسائرها للحيلولة دون عرضها على فضيلة القاضي لإعلان إفلاسها ؛ شركة يستثمر فيها العائلتين عائلة الزوج كعائلة الزوجة فكل شيء كان بوضعهم لحجر أساس هذه الشركة وقرءوا عليها الفاتحة وزغردوا وطربوا ورقصوا وزفوا خبر التأسيس بكل الوسائل المتاحة وعلى كافة الأصعدة وسدلوا الستار على ما كان مستورا ومخفيا في الكواليس والجلسات المغلقة بالفرقة النحاسية أو الدقة المراكشية أو الطبال والغياط والزغاريد أو بهم كلهم معا لإشهار الشركة للعموم والتفاخر بامبراطورية آل فلان الفلاني على مجموعة شركات آل فلان الفلتاني.
يكون أول ربح للشراكة الزوجية مولود جديد يبدأ بالوحم وباذلال الزوجة للزوج وطاعة الزوج العمياء للزوجة حتى تمضي فثرة الحمل ويرزقا معا بولد أو بنت تملأ أروقة شركتهم سرورا وحبورا وسعادة. عندها قد تستمر رغبة الزوجين في الإنجاب وقد يلح في ذلك طرف على الآخر وقد يرفض طرف دون الآخر خوفا من إنهيار الشركة وافلاسها لفقدان الثقة في الآخر أو لظهور استبداد الآخر أو لخيانته المتكررة أو لغطرسته اللامتناهية فيكون المولود البكر باكورة أوجاع وانشقاق وتخوف واخضاع فتبدأ الأسهم في التضاءل لذا شريك لفائدة الشريك الثاني وتتهاوى أسهم الشركة ببورصة العائلتين فينزل سلمها لحد الانهيار التام والافلاس الكامل.
هناك بعض الزيجات التي استمرت شركتها لسنين عديدة اما بصبر أحد الطرفين أو بصبرهما معا على بعضهما البعض وعلى تحمل ظروفهما المعيشية وقلة الإمكانيات والماديات فيبقى احترام العلاقة الزوجية واستمرارها من أولوياتها التي لا محيد عنها مهمى كانت الظروف والمطبات.
من جانب آخر يكون أحد الزوجين غير راض عن شركته بالآخر ويعتبر نفسه كمن ظلم في زواج غير متكافيء أو كمن خدع في زواجه ولهذا يجد غالبية الأزواج أن أحدهما لم يكن يقبل به زوجا لو أتيحت له فرصة إختيار أحسن أو توفرت لديه متطلبات الزواج الراقي في نظره ومن هنا تنطلق عقدة الغيرة وتولد جريمة الخيانة وتولد السادية في تفنن كل طرف في تعذيب الطرف الآخر والمعذب والمظلوم والضحية الوحيد والأكبر للأسف هو الولد المشترك بينهما فالاب يعتبر نفسه أولى بالأبناء تربية ومسؤولية وولاية والأم تعتبر نفسها أولى بهم تربية ومسؤولية وحضنا.، والأبناء وبالرغم من صغر سنهم يصبحون في مواجهة عالم أسود مظلم من القسوة والألم والحرمان وتهكم الأقران فتشحنهم الأم بتحريضها والأب باللوم وهما أعني الأبناء بين نارين اخفهما وطأة محرقة للعقل الغض والقلب الفثي ومشوهة لأحلام الطفولة وأمالها .
قد يكون شريك ثالث أو ثالث ورابع مساهمين في هذه الشركة كأم الزوج أو أم الزوجة أو كلاهما معا فتصبح العلاقة الزوجية على فوهة بركان نائم وقد يتنفس بين الحين والآخر وقد يلتضي ليتنفس دخانا وغبارا ولما لا حمما تجرف الأخضر واليابس فتحول العلاقة الزوجية إلى جحيم لا يطاق ويبدأ الشريكين في البحث على الخلاص بأقل الخسائر.
فكم من زوج عاقل فشل في توحيد الرؤى حوله بين شخصين محبوبين عنده وهما أمه وزوجته.
وكم من زوجة عاقلة فشلت في توحيد الرضى عنها من طرفين عزيزين عليها وهما: أمها وزوجها.
حين نجد عقدة التملك قد حولت الأم ( المالك الأصلي ) لابنها فهي من حملته وهن على وهن وارضعته وربته بما يليق ليكون لها ابنا بارا وولدا طائعا وفلذة كبد طوعا ، قلت قد حولتها للصراع المستميت للحيلولة دون سلب ولدها منها من قبل دخيلة عن حياتها وحياة ابنها فتكيد وتكشر عن انيابها وتختلق الأسباب لتنكد على كنتها وتحاول اخضاعها وترويضها وإن فشلت فلما لا تحول حياتها لجحيم حتى تبحث لنفسها عن الخلاص بالتخلي عن مملوك حماتها بخلع أو شقاق أو بأي شكل من الأشكال.
وكذلك بعض الحال عند بعض أمهات الزوجات ، حين تصبح أم الزوجة خنجر في ظهر زوج ابنتها يهمز ويغمز به من حين لأخر حتى لا يتمرد أو ينسى وجود حماته الغالية أو قد يغرس إلى حد النصل إن هو رفع صوته عليها أو نظر إليها بنظرة علياء وأنانية أو ضيق على بنتها في زياراتها العائلية والتفقدية لها.
أصبح الزواج بحر يصعب الغوص في أعماقه بحثا عن الذرر وعالم يجهل مداخله ومخارجه فحير العلماء والخبراء وتاه في عثمته الباحثين الاجتماعيين وحول جمعياة في المجتمع المدني تدافع عن الزوجة إلى سلاح ظالم لتنمر الزوجة وحول من أراد التوسط لفعل الخير إلى ظالم يشتت شمل أسرة متكاملة وكم من خيوط بيضاء تحولت بذخان نيران الزوجين وقاذفاتهم إلى خيوط سوداء متفحمة.
أصبح الزواج الناجح في مجتمعنا والشركة الزوجية التي تطول لسنين وتدوم إلى أن يفرق الموت قاهر اللذات بين الشريكين جوهرة نادرة وياقوتة فريدة قل نظيرها ووردة قد يختفي عطرها وتتكاثر اشواكها ويختفي بريقها.
إذن عن اي زواج نبحث…؟.
القادم بوست
- تعليقات فيسبوك
- تعليقات