عن أي صداقة نبحث…؟
بقلم : رشيد ماهر
الصديق ، من صادقك بالرفقة وصدقك بالمشورة وصادقته بالمآثرة وصدقتما معا بالصداقة الصادقة.
الصديق أخ لم تلده لك أمك فيقربك من نفسه كما قربته من كيانك ، يكون مرآة تنعكس عليها تصرفاتك فيزيد من خصالك الحميدة وضوحا وصفاء ، وينقص من مساوءك كما ينقص نور الصباح من ظلمة ليلة حالكة ، فيظهر كل الجمال الذي أنت فيه وتعيش فيه ويعيش من حولك .
الصديق هو الذي يكون صادقا مع نفسه قبل أن يكون صادقا معك .
الصديق يجعل من طموحه أن يرقى بمستواه معك ، أن تكون معه ويكون معك في السراء والضراء.
أما وما قد أصبحنا عليه في غالبية صداقتنا فهي حالات مختلقة ومبهمة ومنها الصداقة براء ، حالات تصعب عن الفهم ، عن التصنيف ، عن الشرح ، بل تصعب حتى عن التفكير في ما يجب تسميتها.
فكم من أصدقاء ابتلوا ب( صديق ) في الظاهر ورفيق في الواقع وشيطان في صورة انسان ، يدخل بيتك ليرصد عيوبك ويحتفظ بها ليوم الحسم ، يوم تنجلي الغشاوة عن عينيك وتتضح صورته عند بصيرتك وتنكشف ألاعيبه كما تنكشف الظلمة أمام النور الساطع.
الفرق بينك وبينه كالفرق بين السماء والأرض ، كلما حاولت السمو بصداقتكما ، كلما حاول هو بدفنك وتقبيرك و تمريغك في التراب.
يترصد زلاتك كما يترصد الفأر غفوتك ، يساكنك بيقظة القط الاليف حتى وان غفلت عنه لبرهة فر هاربا بما استولت عليه أنيابه في صمت وحذر ، ليتركك في صدمة لن تستفيق منها إلا على مواءه وهو يتودد إليك عسى أن تسامحه و تمنحه فرصة أخرى للبطش بك وبكرامتك.
الصديق يرتاح له بالك ، وتسكن إليه روحك، وتطمئن بقربه نفسك ، وتتقوى بنصحه عزيمتك، فتزداد نموا فكريا وروحيا واخلاقيا ويزداد هو في حياتك غبطة وفي يومياتك سنفونية حالمة وفي أزماتك ملاذ آمن ، أما الصفيق الذي هو على وزن صديق فوجوده بجانبك غلطة عمر وكلامك معه هرطقة عاقل والاستمرار بتصديقه مجازفة هالك.
إن كنت تنتشله من غابة النسيان ومن على بردعة حمار ليحاول هو بعدها أن يسقطك عمدا من على صهوة مسيرة الزمان لتدوسك حوافر الخيل العميان .
إن كنت تباع وتشترى بين النخاسين وأنت تعتقد أن حريتك تقوت بهم فاعلم أنك في العلم والمعرفة من عجزة العاجزين وليس عجزة العجائز .
إن كنت ترى في ما أرى وأقول غير ما ترى وتقول ، فعلى أي صداقة نبحث…؟