ضعف دور المنتخب” المرشح” أمام دور “المعين” أثناء تدبير الأزمات ( رجل السلطة نموذجا)
الصفاء بريس: مصطفى بومزكور
ضعف دور المنتخب” المرشح”.. أمام دور المعين ” أثناء تدبير الأزمات
( رجل السلطة نموذجا).
بقلم : مصطفى بومزكور
أثر فيروس كورونا على التدبير العمومي للمملكة ، أو ما يسميه القانونيين “تدبير الأزمات”، حيث المبدأ العام أي الأصل هو الديمقراطية والاستثناء هي الأزمات ..فيروس كورونا وضع أسسا قائمة للدولة، فأصبح دور المنتخب أو الفاعل الترابي الذي صوت عليه في الانتخابات سواء الانتخابات الجماعية منها أو الإقليمية والجهوية ، يقتصر دوره فقط الصمت واكتفاء بمقولة “العين بصيرة واليد قصيرة” وهذه المرة اليد معدومة .
أصبح “المقدم” أي عون سلطة و “الشيخ” و “القائد” و “الباشا” و”العامل” و”الوالي” لهم دور بارز للتصدي لكل شيء ، لما هو أمني اقتصادي اجتماعي وسياسي ، وغاب دور المرشح ورئيس الجماعة ورئيس المجلس الإقليمي ورئيس الجهة وحتى رئيس الحكومة .
ظهر مصطلح”المقدم” داخل الدواوير بكثرة بعد أن يسميه البعض بنعت خارج الصواب ،حيث أن المقدم في هذه الأزمة هو الذي يسجل النساء والرجال للاستفادة من دعم كوفيد ، المقدم هو الذي يقوم بإحصاء الفقراء والميسورين داخل رقعة جغرافية خاصة به ،أما المرشح الخاص بالدوار ليس له أي دور في ذلك سوى الخروج للتفتيش عن المقدم قصد منحه شهادة للتنقل من المنزل أو شهادة المغادرة إلى المدينة أو القرى بالنسبة للمدن .
لاحظتم كذلك في عدة محطات غياب رئيس الجماعة ، رغم كونه هو الرجل الأول أو الفاعل الترابي الأول داخل المجلس الجماعي، هو الآخر لا يمكنه التحرك دون شهادة التنقل ولو إلى الإدارة أو إلى العمالة ،هذا يتضح أن ليس له أي قرار إداري للتدخل في التدبير العمومي داخل الأزمات رغم كونه منتخبا مصنفا إلى درجة رئيس جماعة ، وبرز مكانه السيد القائد الذي له كافة الصلاحيات والسلطات حتى قيامه بدور ضابط الشرطة القضائية مع تفتيش المنازل والمحلات دون إذن النيابة العامة المجسدة للحق العام أي حق المجتمع ، وظهرت أسماء لقياد أمثال القائدة “حورية” بأسفي والتي دبرت الجوانب المتعددة للشأن المحلي من جانبه الاجتماعي والثقافي والجانب الاقتصادي والأمني ،وأصبح السيد القائد المعين له دور كبير في تسيير الشأن العام بصلاحيات واسعة ، وهنا يتضح أن رئيس الجماعة لا يعطي شهادة للتنقل وليس في يده ما يعطي سوى التقيد بالإجراءات الاحترازية وتعقيم أياديه وملازمته البيت ، والاتصال بالقائد قصد منحه شهادة للتنقل قصد قضاء حاجاته وليس حاجات المواطن العامة.
وحتى الميزانية الجماعية لن يستطيع تحريكها إلا بالتقيد بالمذكرات الصادرة عن وزير الداخلية دون غيرها لن يتمكن من صرف ولو درهم من ميزانية الجماعة رغم كونه آمرا بالصرف والذي تخوله له القوانين التنظيمية والتي هي بمثابة دستور للجماعات الترابية.
أما رئيس المجلس الإقليمي هو الآخر خارج التغطية ، يقابله السيد العامل والذي يرأس لجنة اليقظة الإقليمية ، رئيس المجلس الإقليمي هذا رجل منتخب يستمد قوته من الناخبين ولو كان انتخابه بطريقة غير مباشرة،فلا وجود له في هذه الظرفية سوى التقيد هو الآخر بالإجراءات الاحترازية وأحد وثائق للتنقل من الباشا هو وعائلته ولا يمكنه أن يحرك أي شيء سواء كان مدرجا من قبل في الميزانية أو غير مدرج،ما عليه إلا التقيد بما سبق ذكره،ورجحت الكلمة والقرار للدولة وممثلها إقليميا هو السيد العامل الرجل الأول في الإقليم الذي ينفذ تعليمات وزير الداخلية وليست تعليمات رئيس الحكومة، والتشبث باللجنة الوطنية لليقظة، وكذلك ترأسه اللجنة الإقليمية لليقظة والأزمات ، وغاب فعلا دور الفاعل الترابي والمنتخب الذي فقط يرى دون أن يتدخل لفعل شيء ما سوى الحضور إلى اللجنة الإقليمية والتقيد بما آلت إليه اللجنة مع تنفيذ ما يلزم .
ومركزيا لاحظنا تجميد بعض الوزارات واكتفاء بوزارتي الداخلية والصحة ووزارة المالية ، وظهور لجنة اليقظة المركزية ، وظهور لمصلحة الفيروسات والأوبئة بقوة على الشاشات الرسمية بعدما كانت شبه منعدمة داخل وزارة الصحة العمومية،وقليلا ما نسمع رئيس الحكومة إلا عند قيامه بمجلس حكومي بصيغة عن بعد قصد صدور مراسيم كلها تهم الشأن الصحي للمواطنين، دون تدخل الحكومة المنتخبة في شؤون المواطنين.
وهناك تدخل قوي لرئيس الدولة المغربية جلالة الملك محمد السادس في حماية رعاياه من الفيروس الفتاك ،وكذلك تدخله في إنشاء صندوق كورونا لتمويل الجائحة تدخل حكيم أبانت عن الحكامة الاقتصادية والاجتماعية في توفير اللقاحات ، وتدخله السامي في التعاون المادي مع الأسر الهشة والتعاون مع المقاولين والأجراء حتى تم الخروج بسلام بأقل الأضرار مع مواصلة الجهود في الإقلاع الاقتصادي إلى الآن ، وما زالت الجهود متواصلة بأخد الجرعة الثالثة للمواطنين قصد الحماية الجماعية من ولوج المتحورات الموسمية.
والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي مكانة الفاعل الترابي ” المنتخبين” في تدبير الأزمات ؟لما لهم من مكانة دستورية في التدبير العمومي ، وما لهم من مكانة تمثيل المواطنين في إطار الديمقراطية التمثيلية دستوريا .